الأحد، 27 مارس 2011

منظور الإسلام للصحة النفسية (३)الوظائف النفسية Psychological functions of religion


The perspective of Islam to the Mental Health Part III | | dynamics and psychological functions of religion | | and psychological functions of religion | | What is it and the psychological function of religion? | | the task of religion, with the mental health | | Islam perspective of mental health 3

منظور الإسلام للصحة النفسية الجزء الثالث||الديناميكيات و الوظائف النفسية للدين || وظائف الدين النفسية ||ما هي و ظيفة الدين النفسية ؟||مهمة الدين مع الصحة النفسية ||منظور الإسلام للصحة النفسية 3



الديناميكيات والوظائف النفسية للدين

Dynamics and psychological functions of religion

من المؤكد أن الطقوس الدينية تقوى القدرة على التحكم في الغرائز والدوافع وخاصة تلك الدوافع التي تكسر الحدود الاجتماعية للسلوك.

وقد يصل "فرويد" إلى الرأي بأن الدين يقلل من إحساس الفرد بالقلق كما يحمي من القلق الناتج عن الإحساس بعدم القدرة في مواجهة قوى الطبيعة والدين يشبع احتياجات الإنسان. كما إنه يتصور أن مصير الإنسان يحدده سلوكه في الدنيا وعلى هذا الرأي فإننا نستطيع أن نفترض أن الدين يؤكد اختيار الإنسان لسلوكه وبالتالي لمصيره وهكذا يدفع الإنسان إلى تأكيد اجتماعية وتعديل سلوكه الاجتماعي لمزيد من التكيف وذلك من أجل تحقيق المكاسب لذاته سواء في الدنيا أو الآخرة.

كما يعتقد فرويد أن العقيدة تحمي الإنسان من اليأس بإعطائه الفرصة لتأكيد علاقته بالله واعتماده عليه . وإن كان قد صور هذا الاعتماد بأنه اعتمادية الطفل على والديه تعاد إليه في الكبر بشكل اعتمادية الفرد على الله- وبصرف النظر عن هذا الوصف المبين فالحقيقة أن الدين يدعوه إلى مزيد من الاعتماد على الله .

كما أن الدين بتأكيده على الحياة الأخرى يقلل الخوف من الموت كما يقدم الوسائل للتكفير عن الخطيئة كما يعطي الإنسان المهرب التأملي المتسامي من متاعب الحياة.

ومن الواضح أن الدين الإسلامي بالإضافة إلى هذه الميزات التي يحققها الدين للبشر يؤدي إلى نوع من التنظيم الاجتماعي فالمجتمع هو الأصل والأفراد من مكونات المجتمع "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" وإذا كان فرويد قد افترض وجود العواطف لتربط المجتمع وأن المجتمع لا يعمل ولا يؤدي وظائفه بمجرد وجوب العواطف وإنما كما يفترض الإسلام لابد من وجود القدوة في شخص القائد الاجتماعي ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر ). سورة الأحزاب/ 21 .

والافتراض بأن الإيثار في الإسلام هو سمة الفرد في مواجهة مجتمعه فإن المجتمع الإسلامي يكون أكثر ترابطا وأقدر على التلاحم والعمل .
ومن المؤكد أن التنظيم الإنساني للمجتمع في الوقت الحاضر قد زاد تعقدا عن التنظيم الذي بدأ به الإسلام غير أن هذه الرؤية لم تكن غائبة عن الإسلام فالرسول المعصوم هو الذي يقول "أنتم أعلم بشئون دنياكم وعلى قاعدة المنافع المرسلة فإن تنظيم المجتمع بصورة أكبر يقبله الإسلام ورسوله.

كما أن عدم الفصل في الإسلام بين الدين والحكم إذ أن الرسول هو أول حاكم مسلم وخلفاؤه أمراء المسلمين- عدم الفصل هذا أكد على قوة التنظيم الذي يدعو إليه الإسلام للمجتمع وأعطاه نوعا من القدسية التي انتشرت في سلوكيات المجتمع .

من تنظيم المجتمع الذي يدعو إليه الإسلام تنظيم الأسرة والزواج والطلاق وحماية المجتمع من الجريمة من خلال الحدود وتطبيقها ليأمن الإنسان على نفسه وعرضه وماله. وهكذا تزداد الطمأنينة النفسية للفرد في المجتمع الإسلامي .

ومن النقاط الأساسية في التنظيم الإسلامي للمجتمع رفضه لمبدأ الرهبانية التي تترك الدنيا بما فيها في تصور أن هذا هو طريق الخلاص فرسول الله يصوم ويفطر ويقوم وينام ويعاشر النساء ويقرر "فمن رغب عن سنتي فليس مني " ورفض الإسلام للرهبانية ينبني على الأسس الآتية:

ا- إن للإنسان دوافع بيولوجية ونفسية واجتماعية والإسلام باعتباره دين الفطرة لا يمكن أن يمنع إشباع هذه الدوافع مادامت في الإطار الاجتماعي الذي وضعه الإسلام لتنظيم المجتمع .

2- أن الرهبانية ابتعاد عن العمل الإيجابي تحت افتراض أنه إيجابية في اتجاه العبادة والإسلام يفترض أن المشاركة في بناء المجتمع أكثر فائدة في غير ترك للاتجاه إلى العبادة "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا .

ولهذا فقد اتخذ الموقف المتوسط (وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) سورة البقرة / 143. لأن التوسط أقرب إلى غالبية البشر من التطرف. والإسلام دين الجميع.

3- إن الرهبانية تطرف في العمل الأخروي وكما قدمنا فإن الإسلام دين الجميع وليس دين التطرف ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) سورة البقرة / 143. وإن كان الإسلام باعتباره دين الأبد أن يتميز وأن يميز أبناءه والتمايز صفة لازمة لكل "جماعة ولكل مجتمع ولكل منظومة، وعدم التميز يفقد المؤسسة الاجتماعية أيا كان مستواها علوا إلى الدين أو انخفاضا إلى الأسرة باعتبارها اللبنة الاجتماعية الأولى بفقد المؤسسة الاجتماعية حقيقيا وكيانها وتكوينها. والتمايز الإسلامي بالعبادة ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود) سورة الفتح / 29. والتميز بالتقوى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) سورة الحجرات / 13.

والدين والدولة يطالب كل منهما المنتمون إليهما بالولاء والانتماء فعندما تتعرض الدولة للاعتداء أو للكوارث الكونية فإن المواطنين فيها يتجمعون للدفاع عنها.. أما في حالة حدوث الكوارث الطاغية مقدما تكون الدولة قد أخطأت في حق نفسها وفي حق مواطنيها بصورة أو أخرى أدت إلى الكارثة فإن المواطنين قد يهجرون هذه الدولة بطريقة غير أخلاقية لا يرعون في ذلك حقها عندهم في الدفاع عنها. أما عندما تكون الدولة في حالة رخاء والمواطنون مستريحون فيها فإن سلطانها على المواطنين يقل وكأن انعدام التحدي أو قوة التحدي كذلك تفقد الدولة ولاء مواطنيها لها.. وعند فقد التحدي وانعدام الانتماء والجحود فإن الدولة من جانبها توقف تقديم خدماتها لأبنائها.

والجحود في الجماعة للدولة تتعدد أنماطه ومظاهره. فقد يفقد الفرد اهتمامه بالجماعة ويتجه كلية إلى الاهتمام بمصالحه وحياته الخاصة أي أنه يجري وراء متعه الخاصة وقد يكفر بالمجتمع وقيمه وقوانينه.. وهكذا يأخذ اتجاها مضادا للقانون. وقد يترك جماعته وتنتظم في جماعة أخرى. وقد يشارك في جماعات الرفض التي تهدف الى تغيير نظام الحكم.. ومثل هذه الاتجاهات تساعد على انتشار القلق النفسي في المجتمع وخاصة في أوساط الشباب.

أي إذا اتزن العطاء العاطفي والمادي للأفراد في المجتمع مع العائد الذي يقدمه المجتمع فإن المجتمع يستمر ويقل القلق النفسي بالتالي .

وفي الدين الإسلامي فإن الاتزان بين معطيات الأفراد للدين ومعطيات الدين للفرد يقع تماما بشكل مستمر وكأنه قاعدة مضطردة الأمر الذي يخفض تأثيرات القلق في الجماعة المسلمة. ويحدث ذلك فيما يلي:-

ا- الاتزان في ا العلاقة بين الفرد المسلم والله : (وقال ربكم ادعوني.. أستجب لكم ) سورة غافر/ 60. وفي الصلاة لا يحل الله من الصلة بالإنسان حتى يحل الإنسان نفسه. وفي الآيات الله يساند الإنسان عن قرب (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) غير أن التعامل له جانبيه التقويميين السلبي والإيجابي ( نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) سورة الحجر/ 49.

2- الاتزان بين الفرد والحاكم المسلم هذا الاتزان قائم على أساس أن مسئولية الحاكم عن كل فرد تحتم أن يحقق له حقه ولو كان في أبعد بلاد المسلمين وحتى بدون طلب ولا ننسى العربية التي خلعت قلب عمر بتذكيره مسئوليته (يتولى أمرنا ويغفل عنا" فعلى قدر السلطة يكون البذل والعدل ولنذكر الشعار الإسلامي ( إن رأيتم في اعوجاجا فقوموني) يقوله الحاكم.. فيرد المحكومون " لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا".

3- الاتزان في العلاقة بين المسلم والمسلم: إن تعامل المسلم في مجتمعه يلزم أن يرعى فيه وجه الله سواء كان هذا التعامل في التعامل العملي في المعاملات أو في التعامل الإيثاري "الزكاة.. وغيرها" (فأينما تولوا فثم وجه الله ) سورة البقرة/ 115. والله مطلع على عباده، ولا يرضى من عباده الكفر.

4- الاتزان في العلاقة بين المسلمين وغيرهم من الطوائف : ويعتمد هذا الاتزان على النصوص ( لا إكراه في الدين ) سورة البقرة/ 256، ( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) سورة المائدة/82.

كما يعتمد على العدل معهم حتى من المنتسب إلى السلطة ويكفي أن نتذكر قصة عمر مع ابن عمرو بن العاص وموقفه من الذمي وقوله اضرب ابن الأكرمين ، وأمره عندما اشتكى له ذمي عجوز الفاقه فأمر للذمي بما يكفيه من مال المسلمين ويقول ما معناه ما عدلنا إذا أكلنا شبابه ولم نرحم شيخوخته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق